الجمعة، 13 أبريل 2012

25- أشعرهم أنك تحب الخير لهم .. 26- اِحفظ الأسماء ..

25- أشعرهم أنك تحب الخير لهم ..
كلما كان قلبك مملوءاً بالمحبة والنصح للآخرين .. كلما صرت صادقاً في مهاراتك في التعامل معهم ..
وكلما أحس الناس بحبك لهم .. ازدادوا هم أيضاً لك محبة وقبولاً ..
كانت إحدى الطبيبات تمتلئ عيادتها الخاصة دائماً بالمراجِعات ..
وكانت المريضات يرغبن في المجيء إليها دائماً وكل واحدة تشعر أنها صديقة خاصة لهذه الطبيبة ..
كانت هذه الطبيبة تمارس مهارات متعددة تسحر بها قلوب الآخرين ..
من ذلك .. أنها اتفقت مع السكرتيرة أنها إذا اتصلت إحدى المريضات تريد أن تتحدث مع الطبيبة أو تسألها عن شيء يخص المرض ..
فإن السكرتيرة تسألها عن اسمها .. وترحب بها .. ثم تطلب منها التكرم بالاتصال بعد خمس دقائق .. 
ثم تأخذ السكرتيرة الملف الخاص بهذه المريضة .. وتناوله للطبيبة .. فتقرأ الطبيبة معلومات المرض .. وتنظر إلى بطاقتها الخاصة .. ومعلوماتها الكاملة بما فيها وظيفتها وأسماء أولادها .. 
فإذا اتصلت المريضة .. رحبت بها الطبيبة .. وسألتها عن مرضها .. وعن فلان ولدها الصغير .. وأخبار وظيفتها .. و ..
فتشعر المريضة أن هذه الطبيبة تحبها جداً لدرجة أنها تحفظ أسماء أولادها وتتذكر مرضها .. ولم تنس مكان عملها .. فترغب في المجيء إليها دائماً .. 
أرأيت أن امتلاك القلوب وأسرها سهل جداً ..
ولا بأس أن تعبر عن محبتك للآخرين بكل صراحة .. سواء كانوا أباً أو أماً .. أو زوجة أو أبناء .. أو زملاء وجيران ..
لا تكتم مشاعرك نحوهم .. قل لمن تحبه : أنا أحبك .. أنت غالٍ إلى قلبي ..
حتى لو كان عاصياً قل له : إنك أحب إلي من أناس كثيييير .. 
ولم تكذب فهو أحب إليك من ملايين اليهود .. أليس كذلك .. كن ذكياً ..
أذكر أني ذهبت مرة لأداء العمرة .. وكنت خلال طوافي وسعيي أدعو للمسلمين جميعاً .. بالحفظ والنصر والتمكين .. وربما قلت : اللهم اغفر لي واغفر لأحبابي وأصحابي .. 
وبعد انتهائي من شعائرها .. حمدت الله على التيسير ..
ثم اكتريت فندقاً لأبيت فيه .. فلما وضعت رأسي على وسادتي كتبت رسالة عبر الهاتف الجوال أقول فيها : 
"الآن أنهيت العمرة وتذكرت أحبابي وأنت منهم فلم أنسك من الدعاء الله يحفظك ويوفقك " .. 
انتهت الرسالة ..
أرسلتها إلى الأسماء المخزنة في ذاكرة الهاتف .. كانت خمسمائة اسم .. 
لم أكن أتصور التأثير العجيب لهذه الرسالة في قلوب الآخرين ..
منهم من أرسل إليّ : والله إني أبكي وأنا أقرأ رسالتك .. أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ..
وآخر كتب : والله يا أبا عبد الرحمن ما أدري بم أرد عليك ! ولكن جزاك الله خيراً ..
والثالث كتب : أسأل الله أن يستجيب دعاءك .. ونحن والله لا ننساك ..
نحن في الحقيقة نحتاج بين الفينة والأخرى أن نُذَكّر الناس بأننا نحبهم .. وأن كثرة مشاغل الدنيا لم تنسنا إياهم ..
ولا بأس أن يكون ذلك بمثل هذه الرسائل .. 
يمكن أن تكتب إلى أحبابك : دعوت لكم بين الأذان والإقامة .. أو في ساعة الجمعة الأخيرة .. 
وإذا كانت نيتك صالحة فلن يكون في هذا إظهار للعمل أو رياء .. وإنما زيادة ألفة ومحبة بين المسلمين ..
أذكر أني ألقيت محاضرة في مخيم دعوي صيفي في مدينة الطايف .. في جبال الشفاء وهي متنزه يجتمع فيه أعداد كبيرة من الشباب ..
كان أكثر الحاضرين هم من الشباب الذين يظهر عليهم الخير والصلاح .. أما الشباب الآخرون فقد بقوا في أطراف المتنزهات ما بين لهو وطرب ..
انتهت المحاضرة .. 
أقبل جمع من الشباب يسلمون .. 
كان من بينهم شاب له قصة شعر غريبة ويلبس بنطال جينز ضيق .. أقبل يصافح ويشكر .. فسلمت عليه بحرارة .. وشكرته على حضوره وهززت يده وقلت : وجهك وجه داعية .. تبسم وانصرف ..
بعدها بأسبوعين تفاجأت باتصال يقول : هاه ما عرفتني .. يا شيخ أنا الذي قلت لي وجهك وجه داعية .. والله لأصبحن داعية إن شاء الله .. ثم صار يشرح لي مشاعره بعد تلك الكلمات .. 
أرأيت كيف يتأثر الناس بصدق العبارة .. والمحبة ..!
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقد كان ياسر قلوب الناس بروعة أخلاقه .. وقدرته على إظهار محبته الصادقة لهم .. 
كان أبو بكر وعمر .. أجلّ الصحابة ..
وكانا يتنافسان في الخير دوماً .. 
وكان أبو بكر يسبق غالباً .. فإن بكر عمر للصلاة وجد أبا بكر سبقه .. وإن أطعم مسكيناً وجد أبا بكر سبقه ..
وإن صلى ليلة .. وجد ابا بكر قبله ..
وفي يوم أمر النبي صلى الله عليه وسلم  الناس بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت بالمسلمين .. 
وافق ذلك الوقت أن عمر عنده سعة من المال .. 
فقال : اليوم أسبق أبا بكر .. إن سبقته يوماً .. 
ذهب عمر فجاء بنصف ماله .. فدفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  ..
فما أول كلمة قالها صلى الله عليه وسلم  لعمر لما رأى المال ؟
هل سأله عن مقدار المال ؟ أم سأله عن نوعه ذهب أم فضة ؟
لا .. بل لما رأى صلى الله عليه وسلم  كثرة المال .. تكلم بكلمات يستنتج منها عمر أنه محبوب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم  ..
قال لعمر : ( ما أبقيت لأهلك يا عمر ؟ ) ..
قال عمر : يا رسول الله .. أبقيت لهم مثله " ..
ويجلس عمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم   منتشياً .. ينتظر أبا بكر ..
فيأتي أبو بكر رضي الله عنه بمالٍ كثير فيدفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعمر واقف مكانه .. يرى العطاء ويسمع الحوار ..
فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم  قبل أن يلتفت إلى ما يحتاجه من مال .. يسأل أبا بكر : ( يا أبا بكر .. ما أبقيت لأهلك ؟ ) ..
نعم فهو يحب أبا بكر .. ويحب أهله .. ولا يرضى بالضرر عليه .. 
قال أبو بكر : يا رسول الله .. أبقيت لهم الله ورسوله .. أما المال فقد أتيت به جميعاً ..
لم يأت بنصفه .. ولا بربعه .. وإنما أتى به كله ..
فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال :" لا جرَم .. لا سابقت أبا بكر أبداً " ..
كان الناس يشعرون أنه صلى الله عليه وسلم  يحبهم..فكانوا يهيمون به حباً ..صلى بهم صلى الله عليه وسلم  إحدى الصلوات .. فكأنه عجل بصلاته قليلاً حتى بدت أقصر من مثيلاتها ..
فلما انقضت الصلاة .. رأى صلى الله عليه وسلم  تعجب أصحابه ..
فقال لهم : لعلكم عجبتم من تخفيفي للصلاة ؟
قالوا : نعم ! .. 
فقال صلى الله عليه وسلم  : إني سمعت بكاء صبي فرحمت أمه ..!!
أرأيت كيف يحب الآخرين .. ويظهر لهم هذه المحبة من خلال تعامله ..
لست وحدك ..
أظهر عواطفك .. كن صريحاً : أنا أحبك .. فرحت بلقياك .. أنت غال إلى قلبي ..  

26- اِحفظ الأسماء ..
وهذا من الاهتمام بالناس ..
ما أجمل أن تقابل شخصاً ما في موقف عارض .. كلقاء عند بنك .. أو في طائرة .. أو في وليمة عامة .. 
فتتعرف على اسمه .. ثم تراه في موقف آخر .. فتقبل عليه قائلاً : مرحباً يا فلان ..
لا شك أن ذلك يطبع في قلبه لك محبة وتقديراً ..
حفظك لاسم الشخص الذي أمامك يشعره باهتمامك به ..
فرق بين المدرس الذي يحفظ أسماء طلابه .. والذي لا يحفظ .. 
قولك للطالب : قم يا فلان .. أحسن من : قم يا طالب .. 
حتى في الرد على الهاتف .. أيهما أحب إليك .. أن يجيبك من تتصل به بقوله : نعم ..أو ألو .. 
أو يقول محتفياً : مرحباً يا خالد .. هلا أبو عبد الله ..
بلا شك ان استماعك لاسمك له في القلب رنة قبل الأذن ..
جرت العادة بعد المحاضرات العامة أن يزدحم علي بعض الشباب يصافحون ويشكرون ..  
كنت أحرص على ترديد كلمة : الاسم الكريم ؟ حياك الله من الأخ ؟ .. أقولها لكل واحد أسلم عليه لأبدي له اهتمامي به .. فكان كل واحد يجيبني مستبشراً : أخوك زياد .. ابنك ياسر .. 
وأذكر يوماً أنه بعدما سلم عدد كبير منهم ومضوا .. عاد أحدهم ليسأل .. فأول ما أقبل عليَّ قلت له : حياك الله يا خالد .. فابتهج وقال : ما شاء الله !! تعرف اسمي !!
الناس عموماً يحبون مناداتهم بأسمائهم ..
من المعروف أن الموظف العسكري يعلق لوحة صغيرة على صدره فيها اسمه ..
فأذكر أني ألقيت محاضرة في إحدى المناطق العسكرية .. فازدحم أكثرهم مسلماً بعد المحاضرة .. 
كان أحدهم يقترب ويبتعد .. وكأنه يريد السلام لكنه يخجل من مزاحمة الآخرين ..
التفت إليه ولمحت لوحة اسمه .. فمددت يدي إليه وقلت : مرحباً فلان !! فتغير وجهه وتعجب .. ومد يده مصافحاً وهو يتبسم ويقول : هاه !! كيف عرفت اسمي ؟ 
فقلت : يا أخي الذين نحبهم .. لازم نعرف أسماءهم .. 
فكان لهذا تأثير كبير عليه .. 
كثير من الناس يقتنع بهذا ويتمنى لو استطاع حفظ أسماء الآخرين ..
أما أسباب عدم حفظ الأسماء .. فهي كثيرة ..
منها .. عدم الاهتمام بالأشخاص أثناء مقابلتهم ..
ومنها .. التشاغل وقت التعارف وعدم التركيز أثناء استماع الاسم ..
ومنها .. موقفك تجاه الشخص المقابل ..
كاعتقادك بأنك لن تقابله مرة أخرى .. فتقول في نفسك : لا داعي لحفظ الاسم ..
أو كان إنساناً بسيطاً لا يستثير اهتمامك ..
أو عندما لا تسمع الاسم جيداً وتشعر بحرج من طلب إعادة اسمه ..
فهذه أسباب تجعل الناس لا يحفظون الأسماء ..
أما العلاج لحفظ الأسماء .. فله طرق .. منها :
الاقتناع بأهمية تذكر الاسم واستشعارك أنك بسماعك له ستسأل عنه بعد دقائق .. 
ومنها .. التركيز على وجه الشخص أثناء الاستماع إلى اسمه ..
حاول أن تلاحظ الشخص المقابل وطبيعة حديثه وابتسامته لينطبع في ذاكرتك ..
أثناء حديثك معه ناده باسمه مراراً .. صحيح يا فلان ..؟ سمعت يا فلان ..؟  أنت معي يا فلان ..؟ وكرره أكثر من مرة ..

باختصار ..
أشعرني باهتمامك بي .. بحفظك اسمي .. ونادني به .. لأحبك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق